دخلاء على تصميم الأزياء
يغصُّ عالم تصميم الأزياء حاليا بالغثِّ والرديء من العروض، لتصاميم مسروقة أو مقلَّدة تارة، ومستهجنة باهتة تارة أخرى، تكاد تخلو من الذوق الرفيع، ومن أدنى درجات الخبرة والاختصاص في هذا المجال، وأصبحنا نسمع اليوم بعشرات الأسماء المجهولة؛ التي تفرض نفسها وبقوة كونها تملك الإمكانات المادية والوسيلة الإعلامية للظهور والانتشار؛ والمضحك هنا أنَّ هذه الأسماء تبقى غير معروفة ولا مطلوبة؛ مع إصرار أصحابها على الاستمرار.
ويؤدي «النت» عبر صفحاته، برفقة مواقع التواصل الاجتماعي المشهورة، دوراً كبيراً في تسهيل عملية العرض والترويج هذه؛ وذلك لصاحبات المشاغل والورش ممن احترفن مهنة الخياطة والتفصيل ولا يملكن أدنى فكرة أو خبرة أو أماكن لعرض نتاجهن؛ فيجدن في «النت» متنفَّسهنَّ الوحيد لهذا العرض البائس أو ذاك؛ إلى حدِّ ادِّعاء الإبداع في تصميم الأزياء! والجرأة المفرطة في اقتحام الأضواء، لا لشيء، فقط لتحقيق حلم والتربُّع على عرش الشهرة والثراء!
إنَّ تصميم الأزياء موهبة تقوم على إضفاء جماليات مبتكرة؛ وغير مسبوقة، تحمل دلالات بيئية هنا، وتلمِّح لثقافة مجتمع هناك، ما يدل على وعي المصمِّم وسعة أفقه واطلاعه وأحقيَّته للنجومية والشهرة؛ وكلُّ ذلك مدعوم بالاختصاص العلمي الأكاديمي والخبرة الطويلة بالعمل في المجال ذاته متوَّجاً بالاطلاع الدائم على أحدث الصيحات والتصاميم والدراية الكافية بأحدث العروض العالميَّة من أشهر البيوتات ودور الأزياء في رحاب الأناقة والجمال.
فمن لم يكن لديه مثل هذه المقوِّمات - من الجنسين - فليفسح المجال لغيره من ذوي المواهب والمهارات الحقيقية المعزَّزة بالمؤهل العلمي والخبرة العالية؛ لأنَّ تصميم الأزياء ليس مهنة من لا مهنة له؛ بل هو مزيج جهد مُضنٍ بإبداعٍ مبهر لتحقيق نجاح وتميُّز لا محدودَين؛ والمصممون الحقيقيون يمتلكون بصمة متفرِّدة في عالم مهنة تصميم الأزياء؛ تثري اقتصاد بلدانهم؛ وتنمِّي الحس الجمالي لدى مجتمعهم وتحيي الموروث المُفعم بالأصالة للأزياء الفلكلورية؛ بنفَس حديث ونكهة عصرية جديدة، تشي بالمخزون الجمالي المُلهِم المكنون فينا إلى مجتمعات أخرى؛ فمهنة تصميم الأزياء إذن ليست مجرد حب للظهور بلا داعٍ؛ بل هي رسالة جماليَّة واقتصادية وثقافية كبيرة، ينبغي للمشتغلين فيها أن يفهموا أبعادها؛ لينقلوها إلى الشعوب الأخرى فيصلوا بذلك إلى العالمية عن جدارة واقتدار.
إلهام العوفي – مصممة أزياء سعودية